داستن هوفمان في فيلم *رجل المطر*


 يُعتبر أداء داستن هوفمان في فيلم *رجل المطر* عام 1988 على نطاق واسع أحد أفضل الأمثلة على التمثيل المنهجي في تاريخ السينما. إن تصويره لشخصية ريموند بابيت، وهو شخص موهوب مصاب بالتوحد، لا يُنسى فقط لعمقه العاطفي ولكن أيضًا للتفاني والإعداد المكثف الذي قام به هوفمان لفهم الشخصية وتمثيلها بشكل أصيل. قبل وقت طويل من بدء التصوير، انغمس هوفمان في عالم التوحد ومتلازمة الموهوب، حيث التقى وراقب الأفراد المصابين بالتوحد، بمن فيهم كيم بيك، مصدر الإلهام الحقيقي لريموند. كما عمل بشكل وثيق مع الدكتور دارولد تريفيرت، الخبير الرائد في هذه الحالة، لضمان أن يكون سلوك ريموند دقيقًا ومتعدد الأبعاد بدلاً من كونه كاريكاتيرًا مبسطًا. كان التزام هوفمان بهذا الدور لا مثيل له، حيث سعى إلى تمثيل ريموند بحساسية وواقعية.


امتد إعداد هوفمان الدقيق إلى ما هو أبعد من البحث؛ عمل بشكل وثيق مع المخرج باري ليفينسون لصقل شخصية ريموند. وبينما صوّر السيناريو ريموند في البداية بضربات أوسع، دفع هوفمان نحو نهج أكثر دقة وتنوعًا. أدت جهوده إلى إعادة كتابة السيناريو عدة مرات، مع التركيز على تصوير إنسانية ريموند والرابطة المتطورة بينه وبين شقيقه تشارلي (الذي يلعب دوره توم كروز). أصبحت الديناميكية بين هوفمان وكروز حجر الزاوية في نجاح الفيلم، حيث حولت كيمياءهما ما كان يمكن أن يكون قصة رحلة برية بسيطة إلى استكشاف عميق للعائلة والتواصل. لم يقتصر أداء هوفمان على حصوله على جائزة الأوسكار لأفضل ممثل فحسب، بل أثار أيضًا وعيًا أكبر بالتوحد ومتلازمة الموهوب، متحديًا الصور النمطية ومساهمًا في تعزيز فهم أعمق للتنوع العصبي.

#buttons=(Accept !) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Learn More
Accept !