في عام 870 ميلاديًا، أبحر المستكشف الفايكنج فلوكي، مدفوعًا بشغفه بالاستكشاف، من جزر فارو باستراتيجية ملاحية فريدة. ولأنه لم يكن يملك أدوات حديثة كالبوصلات أو الخرائط، لجأ فلوكي إلى حكمة الطبيعة، فأطلق ثلاثة غربان في السماء. كان يعتقد أن هذه الطيور الذكية، بحاسة إدراكها الثاقبة، قادرة على إرشاده إلى أراضٍ جديدة.
لكن اثنين من الغربان أثبتا عدم موثوقيتهما. عاد الأول إلى شواطئ جزر فارو المألوفة، بينما دار الثاني حول السفينة بلا هدف، عاجزًا عن تقديم أي دليل. أما الغراب الثالث، ذو العزيمة اللافتة، فقد حلق باتجاه الشمال الغربي واختفى عن الأنظار. فسّرت فلوكي هذه الإشارة على أنها علامة واعدة، فعدّل مساره، متبعًا الاتجاه الذي سلكه الغراب الثالث.
تحولت الأيام إلى أسابيع، بينما انطلق فلوكي وطاقمه في مغامرة نحو المجهول، وتزايد ترقبهم مع كل ميل يقطعونه. وأخيرًا، كوفئ مثابرتهم. خرجوا من الضباب، فرأوا ساحلًا وعرًا لأرض جديدة، أرضًا تزخر بالأنهار الجليدية والبراكين والمناظر الطبيعية الخلابة. شكّل هذا الاكتشاف لحظةً تاريخيةً فارقةً، إذ أصبح فلوكي أول أوروبي يُبحر إلى أيسلندا عمدًا. مهدت رحلته، مسترشدًا بحكمة غراب، الطريقَ لمستوطنات الفايكنج المستقبلية ورحلات الاستكشاف.